الغرور بين الحق والباطل

فلسفة الغرور
"الغرور بين الحق والباطل"

في بداية أن مفهوم الغرور قد يتجدي علينا عدة معاني وأوزان فعلية على قدر ما يصيبه المرء من الفهم والمعرفة. والغرور يقع على أمرين مابين العقل والنفس أمام الحق والباطل، فالذي يجول للفلسفة في الغرور هو الوصول إلى حقيقة نشأة الغرور.
هل الغرور حق مشروع لكل إمرءٍ على ما يغر ويغتر مابين نفسه وعقله! فالحقيقة ليست بإيحاء الغِراء المعنوي وحسب بكل هو مشمول مادياً ومعنوياً في كيفية الحصول على غرور مع جانبها وهو التكبر.
فالغرور يُعدُّ من سِنْخِ مآرب الإنسان ورغباته ؛ وليس بالضرورة أن تكون مآرب الإنسان من مقتضيات العقل . فهذه المآرب والرغبات مقبولة ومجازة حينما تقترن بحكم الجواز العقلي. وأن الحق الخالق الباري أوضح لنا ما مدى غرور الإنسان في حياته، حينما قال : " وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور". وتحليل واستنتاج من تلك الآية او ما يشابها من آيات الفضيلة هو إيمان وتصديق للوجود الغرور عند الإنسان بحسب ما يقدمه من عقله ونفسه مادياً ومعنوياً.
فالتالي عن جوهر العقلي عند المرء في وجود الغرور أمر ممكن بغير ما لديه من أي وضعٍ كان، كلما كان عقل المرء أكبر تحمل مسؤوليةً الأكبر.
وكالذي يأتيه الله له العلم والحكمة او بمعنى يكون رجل فيلسوف أكاديمي عقلي، قد يغر نفسه وعقله على مواجهات ووقائع مرتبطة ما بينه وبين البشر  في ظاهرة الجهل والتخلف وعدم إنصاف في حق ما يقدمه الفيلسوف من علم وحكمة ومعرفة. فقد يأتي بسردٍ غرورا على ما وصل به من درجات من العلم ويرى بحواسه وعقله على اللذين ضربوه بالجهل او بالكذب بأنه أزكى وأعقل وأعلمْ منهم.
فهنا الغرور والتكبر معاً،؛ وقد أصبح يرفع نفسه من تلك الحالة، وينظر ما في نفسه بأنه يملك مُلك علمه ونفسه من بعد مُلك الله تعالى. وصار يرى بأن الأفضلية له حقٌ مشروع، يضهي على الملأ بأنه ذو علماً وحكماً.
وهنا بالفلسفة مع الفلاسفة الأفاضل قد رسخوا للحقيقة الغرور والتكبر هو أن أولئك الذين يتهمون الفلاسفة بالغرور يجهلون هذه الحقيقة وهي أن الفيلسوف لا يتصف بهذه الصفة إلا حينما يتنصل من أحكام العقل ويطأطئ رأسه أمام أهوائه النفسية. 
والإستسلام للأهواء النفسية يعمل ولا شكّ على هبوط مستوى الإنسان واتسامه بالغرور ، سواءً كانت هذه الصفة في الفيلسوف أو غير الفيلسوف . والفيلسوف انطلاقاً من تعامله مع الأحكام العقلية والإستدلال ، لا يمكن أن يكون مغروراً أو متكبراً . لأن العقل – وكما قلنا – يقوم بمهمة إدراك الحقائق . والغرور لا يظهر إلا إذا حُرم الإنسان من إدراك الحقيقة ، ولا يختص هذا النوع من الحرمان إلا بأولئك الذين يناصبون أحكام العقل الصريحة العداء.
فمن ذلك ما يأتيه المرء من غروراً وتكبراً.. أمر طبيعي للأخلاق والأدب، بحيث ما يتصل به المرء من الحياة الدنيا مع محاكاته بالناس والرغبات وأهواء وشهوات، كالذي كان فقيراً مادياً وثم أصبح غنياً مادياً ومعنوياً مما جعله يتغنى بالمتاع الدنيا وإثراء بالمال والعمل والعلم إلى أن يصل به الغرور والتكبر بالظلم مع التظالم أمام الحق والباطل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفلسفة الرومانسية

أنبياء الفلسفة