'' فعل الإنسان في قول البيان ''

'' فعل الإنسان في قول البيان ''

من الحقيقة الواقعة التي حضنت الإنسان بأن يفعل ويقول عن ما عاش فيه لأجل حياة الدنيا بين القديم والحديث، نجد أن الفعل ليس مطلقاً في حرية الكاملة التامة، ولا حتى القول يطلق البيان فيما كان للإنسان أن يعرف قوله قبل النطق به. فمتى يكون الإنسان مجبوراً أو حراً بين القول والفعل عند البيان المطلق!
الجواب ليس بكلمات معدودة ولا بمعاني محدودة، إنما الجواب هو أن يعرف ويفعل الإنسان في حريته التي صيرت بين الكسب والجزاء، وكما قال الإمام الغزالي رحمه الله : '' أن أفعال الإنسان قسمان أحدهما ما يقع من العبد وهو الكسب المنسوب إليه والثاني هو ما يقع على العبد جزاءً''
فهناك علاقة ضرورية عند الإنسان بين القول والفعل في نظرية السبيبة التي تكون بالسبب والمسبب أو النتيجة، نجد أن العلاقة هي بالأصل والفصل والعلة والمعلول والكمالية والجزئية فيما ما يختاره ويجتازه الإنسان عن رهنه وكسبه ونسبه. فمتى ما استطاع الإنسان بيده ولسانه وقلبه في الخلق والحق،  قدر نفسه وعرف مكانه و أدرك مصيره وضميره، وجد إن السبب هو الوجود والمسبب هو الموجود، لا يفترض ولا يترك سدى.
الإنسان مجبر ومخير ومصير على أفعاله، بينما هو تحت فعل وقول الله تعالى، ولكن الله تعالى جعله حراً لكي يرى العالم، وكيف يجيزه و يتحرك ويفعل ويقول عن ما وجد وبصر وكشف وعرف. فكل ما استطاع به الإنسان للحصول على فعله وقوله، هو أن يكسب أفعاله سواء كان خيراً أو شراً. وليس كل ما كان له السبب والمسبب هو مشيئة القدر، بل إنه من وراء فعله وقوله الذي انتجه وحصل به نتيجة أعماله وأفعاله أقواله سواء كانت بالكسب أو الجزاء.
فنجد الإنسان اليوم يرى الحرية هي مطلقة به فيما شاء وأختار  بين حياته وعلمه وزمانه ومكانه، والحرية كما نعرف هي في قصد الإنسان ونينته، أما الأفعال فهي لله خلقاً وإيجاداً. والإنسان كسباً يثاب به على الطاعة ويعاقب على المعصية. فحين يتعلق الإنسان بشيئ ما ويريده، يوجده له الاقتدار الإلهي.
وذلك أن قدر الإنسان يبدأ عند مباشرة على الفعل، فيسمى كسباً، فمن نسب المشيئة والكسب لنفسه فهو ''قدري''، ومن نفاهما عن الله فهو '' جبري''، ومن نسب المشيئة لله والكسب للإنسان فهو '' سني وصوفي''.
وفعل الإنسان لايزال مفتوح بين الآفاق والآمال والأحلام والتمني والمقاصد والمكاسب، لكن لا يعني هذا إنه يطلق الفعل فيما هو يختار به عبر طاقته المجازة في صورة غيبية الحكم. لأن ذلك قد يؤدي إلى التعدي والتخطي على حدود  الأحكام والمشيئة التي صيرت به منذ بداية فعله وقوله عن الخلق والحق. فلو كان الإنسان يعلم ما في القول والفعل بشكل المطلق، لكان أول ما عرف به معرفة الخير من الشر، والشر من الخير في كل مكان وزمان.

ع. الجبر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفلسفة الرومانسية

الغرور بين الحق والباطل

أنبياء الفلسفة