قميص الصوفي في الفناء ج ٢

" قميص الصوفي في الفناء ج ٢ "

إن التصوف معرفة  حقيقية مفتوحة ومكتسبة بين العبد والخلق، حيث إن الغاية أو الهدف هو الوصول إلى الحق عبر اليقين من الحق والعلم وعين القلب، فلذلك ما يتسع للعبد في التصوف هو مناولة ومداولة بالأخلاق الحميدة المروءة الكريمة التي تجعل بتزكية النفس وطهارة القلب من الحب الخالص لله تعالى.
إن أساس معرفة الله هو حبه انطلاق من قول تعالى " يحبهم ويحبونه " وهذة المعرفة لها مقام من موافقة الصوفية التي وضعها الشيخ ابو الحسين النوري الذي اقام موافقتها على التصوف في ترك كل حظ للنفس، و مقرراً بأن أول ما فرضه الله على عباده المعرفة بدليل قوله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" . ومعرفة الله تتم بالقلب لا بالعقل لأنه عاجز، والعاجز لا يدل إلا على عاجز مثله، فمعرفته تعالى به هو، بنور يقذفه مباشرة في القلب، وعلى العبد معرفة الله معرفة قلبية الخالصة به . 
من الإيضاح التصوف عن الفناء عند النوري هو أن الفناء يكون في جمعه بالله ، وعما سوى الله هو تقرب إلى الله، فالجمع والفناء صفتان عند النوري لا هما مرحلة في حال فنائه بالله ، بل الله  يكون القرب إليه ومنه. 
أعلى المقامات في التصوف من الانقطاع بها العبد الصوفي عن الخلائق وعن كل ما سوى الله تعالى هو سبيل إلى الحق بالحب المتجلي بأسماء الحسنى والشهود والمشاهدة بعين القلب لأن اليقين دائماً بالقلب في كل شيء ظهر بالحق، وإن الحق إذا ظهر تلاشى كل ما حجب وستر. وعندها يغدوا النوري معدوم الصفة لشهوده بالحق أي كونه مع الحق في وحدة شهود فيقول : " فإن لله عباد يسمعون بالله وينظرون بالله ويصدرون بالله ويردون بالله " .
إن الفانين الفناء و الباقين البقاء لهم سبيل في الحب لله تعالى، حيث المقام محضور ومشهود بينهما على أن يكون العبد المتصوف موجود بسبيل الوجود الذي يحقق بعد خمود البشرية وغيبة العبد عن إحساسه، فلا وجود العبد عند ظهور سلطان الحق، ووجود الحق هو الغاية النهائية التي يسعى إليها العبد المتصوف. 

ع.الجبر 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفلسفة الرومانسية

الغرور بين الحق والباطل

أنبياء الفلسفة