هل الصوفي خارج الكون؟

هل الصوفي خارج الكون؟

إن الصوفي هو عدّوا الخلق جميعاً، من دون تمييز بينهم سوى التقوى والاستقامة تيمناً بالقوة المأثورة '' الخلق أعيال الله ''.
وقد يخرج الصوفي من الكون عبر روحه العابرة إلى فناء آخر، بحيث يكون فيه محررٍ بقدرة المحضة، من موطنه إلى بدرة الفردية المحبة بذاته.
والتصوف والكون وجهان في وجه الفناء الصوفي، الذي له الصحة والصفاء والصوم، والود والورد والوفاء، والغنى والفكر والفناء. وذلك الوجه الذي دلّ به التصوف من علاقات الروحانية والربانية والعرفانية عن طريق التأمل والثيوصوفية، أي كشف وجه التصوف في الكون.
ففي روح الإنسان الذي يكون بالحنين إلى الله لنوال القربى والمعرفة، قد يمضي سالكاً في تجربة الوجدانية العميقة، كي يكشف جوهرته الذاتية الصافية. وذلك إن حسنة الإنسان في سلك المعرفة المجوهرة به، هو من وخياً بمقولة المأثورة '' من عرف نفسه عرف ربه''.
فذلك يكون وعي الإنسان حاضراً لله تعالى الشامل الذي يضفي على حياة الإنسان بقيمة الأصلية المواطنة عند خلوة النفس، التي تروم أصلها انتقاد الذات،  وتحليل للإيمان في سلوك وفكرة، إلى أن يصل الإنسان إلى معرفة الكاملة.
فإذا غرس الإنسان نفسه بالتغيير عن سلكه البسيط إلى سلك التصوف، سيحتاج قوة الصبر والتحمل والسداد والثبات واليقين والحب والفكر والمعرفة، إلى أن يدخل إلى بوابة العزلة والخلوة، لأن ذلك سيكون في زوايا وبرايا بعيدة عن ضوضاء الدنيا، وقريبة في سيجة الكون ومتصوفة بقلب الحياة.
فعندما يفتح الإنسان أبواب الحياة، يجب أن يكون على معرفة واسعة، وهي تبدأ من معرفة النفس إلى معرفة الله. وذلك يكون بيان الإنسان محقاً بالتحرر والكشف، ويتعمق في العبادة والوجود والإيمان والعلم والكون، حتى يكون سعيه ذو سعياً إلى الارتقاء والروحي والتقرب إلى الله. مع ذلك بقيت خدمة الطريق الأمثل وأكثر آمناً، وهو طريق التصوف من الباطنية إلى الظاهرية الذي ينير القلب بنور الإيمان ويهذب النفس ويقوي البدن ويحفظ مكارم الأخلاق والمروءة.
وكلما كان الإنسان متصوفاً بذاته أمام سيجة وكون الله تعالى، سينال مقاماً عظيماً الذي حبرَ به بالحب والمعرفة والخلوة والصحبة والتأمل والارتقاء والصفاء والزهد والحمد والصبر  والتفكير والتغيير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفلسفة الرومانسية

الغرور بين الحق والباطل

أنبياء الفلسفة